Thread
الإرهاب الفكري: "ثورة 17 تشرين" في لبنان
نموذجاً
ليلى نقولا- الميادين
الإرهاب الفكري: "ثورة 17 تشرين" في لبنان
نموذجاً
ليلى نقولا- الميادين
٢) وعلى الرغم من بشائر الأمل التي حملتها ثورة ١٧ تشرين في #لبنان ، فقد كان أخطر ما رافقها هو الترهيب الفكري الذي مورس في الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي من قبل "نخب" تقود عملية تحفيز الجماهير و"غوغاء" للهجوم على أي مخالف للرأي لإسكاته.
٣) في التعريف
كما في حالة الإرهاب بشكل عام، يختلف الباحثون في تعريف ظاهرة الإرهاب الفكري، ويشير العديد منهم إلى أنه يقوم على مبدأ محاولة فرض فكرة أو إيديولوجيا معينة، وعدم قبول أي رأي مخالف لها، والاعتقاد بعدم وجوب ظهوره بالأساس، ومصادرة حرية الآخر المختلف في الرأي والتعبير.
كما في حالة الإرهاب بشكل عام، يختلف الباحثون في تعريف ظاهرة الإرهاب الفكري، ويشير العديد منهم إلى أنه يقوم على مبدأ محاولة فرض فكرة أو إيديولوجيا معينة، وعدم قبول أي رأي مخالف لها، والاعتقاد بعدم وجوب ظهوره بالأساس، ومصادرة حرية الآخر المختلف في الرأي والتعبير.
٤) ويعتقد كثيرون أن الإرهاب الفكري أخطر من الإرهاب العسكري لاستخدامه وسائل غير مرئية، علماً أنهما ينطلقان من منطلق واحد (امتلاك إطلاقية الحقيقة)، ولو اختلفت أساليبهما....
٥) تاريخياً، عرف العالم الإرهاب الفكري خلال فترات متعددة، وخصوصاً خلال قرون الظلام الأوروبية مع محاكم التفتيش وساد القتل والاتهامات الجاهزة بالهرطقة ضد كل مخالف لرأي الكنيسة. ومع الثورة الفرنسية، ترافق الإرهاب والقتل مع موجة من الإرهاب الفكري بحجة الحفاظ على قيم الثورة ونقاوتها.
٦) مع وسائل التواصل،نعرّفه انه محاولة لإقصاء "الآخر المختلف في الرأي"، ومنعه من التعبير بحرية عن رأيه، عن طريق ممارسة الضغط عليه وترهيبه، عبر إطلاق "موجة مبرمجة" لترهيبه عبر شيطنته، وإفلات مجموعة من "الغوغاء" والحسابات الوهمية للهجوم عليه وشتمه وتحقيره، من أجل إخافته وإسكاته.
٧) ثانياً - الظاهرة في لبنان
هي ليست المرة الأولى التي يحصل فيها ترهيب فكري إعلامي وسياسي، فقد شهدنا موجة مماثلة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حين اصبح كل معارض للمستقبل وقوى ١٤ اذار يتهم بأنه "صنيعة للنظام الأمني السوري اللبناني" أو موالٍ له..
هي ليست المرة الأولى التي يحصل فيها ترهيب فكري إعلامي وسياسي، فقد شهدنا موجة مماثلة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، حين اصبح كل معارض للمستقبل وقوى ١٤ اذار يتهم بأنه "صنيعة للنظام الأمني السوري اللبناني" أو موالٍ له..
٨) ولم يكتفِ تيار المستقبل بذلك، بل أدرج ضمن حملته الانتخابية في العام 2005 في عكار، شمال البلاد، والتي تلت عملية الاغتيال بأشهر، شعاراً مثيراً بعنوان "كل من ينتخب اللوائح المنافسة، فهو ينتخب قتلة الحريري!".
٩) ولا شكّ في أن "ثورة 17 تشرين" في لبنان اقتبست معظم أساليب "الثورات الملونة" في العالم، والتي تعتمد استراتيجيات إعلامية وإعلانية شعبوية، لتحقيق التغيير السياسي المنشود عبر:
السيطرة - التمكين؛ ونشرحهما في ما يلي:
السيطرة - التمكين؛ ونشرحهما في ما يلي:
١٠) - السيطرة عبر عملية ممولة لقيادة الوعي السياسي والاجتماعي وتغييره، ليأخذ منحى جديداً يختلف عن المنحى السائد سابقاً، وذلك عبر اعتماد تقنيات إعلامية وإعلانية حديثة لتقويض ثقة الشعب بمؤسساته، لا السياسية فحسب، بل والاجتماعية والأمنية (الجيش) أيضاً.
١١) - التمكين، وهو ما سماه غرامشي "الهيمنة الثقافية"، أي تقويض كل القيم التقليدية السائدة، سواء الأخلاقية أو الثقافية أو الدينية أو الاجتماعية أو السياسية... لخلق إطار بديل منها يسوّق للأفكار "الثورية" الجديدة وترسيخها في الوعي الاجتماعي والثقافي.
١٢) ويعتبر غرامشي أن الهيمنة الثقافية ضرورية من أجل نجاح أية سلطة، فلا يكفي للطبقة الجديدة التي تستلم الحكم أن تسيطر بالسياسة، بل عليها أن تخلق طبقتها الخاصة من المثقفين والفنانين والأدباء ورجال الدين لتكريس تلك السيطرة وترسيخها، وهو ما نلاحظه في جميع الثورات الشعبوية في العالم.
١٣) "ثورة 17 تشرين"، وعلى الرغم من أنها لم تستطع أن تسيطر على السلطة فإنها استخدمت أسلوب الثورات الأخرى، اي الترهيب الفكري وشيطنة كل معارض للرأي وتخوينه. ونذكر إطلاق صفات "الغنم والعبيد" على مناصري الاحزاب، ثم اتهامهم بدعم "القتلة" بعد انفجار المرفأ في 4 آب/أغسطس...
١٤)ثم استخدام النعوت البذيئة والتحقيرية بهدف منع المجاهرة برأي مخالف، على قاعدة "أو تكون مثلنا تماماً أو لا يحق لك أن تكون".
وتقلّص شعار "كلن يعني كلن" حتى باتت غالبية "النخب" المنوطة بمهمة القيادة الفكرية للثورة تركّز على طرفين وحيدين هما التيار الوطني الحر وحزب الله لشيطنتهما.
وتقلّص شعار "كلن يعني كلن" حتى باتت غالبية "النخب" المنوطة بمهمة القيادة الفكرية للثورة تركّز على طرفين وحيدين هما التيار الوطني الحر وحزب الله لشيطنتهما.
١٥) علماً أن هذا الانحراف ليس الانحراف الوحيد الذي وقعت فيه "ثورة 17 تشرين"، خلافاً لكل المعايير المعتمدة لنجاح الثورات الملونة في العالم، فمن أبرز عوامل النجاح في تلك الثورات القدرة على الحصول على أوسع تأييد ممكن من شرائح المجتمع كافة، وهو ما لم تتقنه "نخب الثورة".
١٦) الخطأ الاخير الذي يتناقض مع وصفات الثورات، هو العنصرية ضد فئة واسعة من اللبنانيين، فقد تحوّل "الخطاب الثوري" بعد مقتل لقمان سليم من شيطنة الأحزاب إلى شيطنة بيئة وطائفة بكاملها، عبر تقسيم عنصري للشيعة في لبنان: "الشيعة المثقفون (جماعتنا) والشيعة المتخلفون (من هم ضدنا)".
١٧) بكل الأحوال،المعركة ليست جديدة مع الإرهاب الفكري والعنصرية.منذ القرون الوسطى، عانى كثيرون المآسي والظلم والترهيب والتنميط الثقافي، كما اختبرت شعوب معاناة من أجل كسر ثقافة الإلغاء ضمن تنميط عنصري عنوانه "نحن الأخيار وهم الأشرار"، أو كما يقول سارتر: "الآخرون هم الجحيم".
انتهى.
انتهى.