الخطاب الليبرالي عن سيكولوجية الفرد يصور لنا الذات على أنها يجب أن تكون في سعي مستمر لتصبح متطابقة مع "طبيعة الإنسان" في المخيلة الليبرالية: مستقلة عن محيطها الإجتماعي والمادي، حرة في خياراتها، ولا يوجد أمامها عقبة إلا نفسها.
حسب هذا التصور تصبح مهمة المعالجين النفسيين هي تقليص الفروق بين الذات الناقصة و"الذات الطبيعية" التي يروج لها الخطاب الليبرالي.

ولذلك، من أجل أن تتخطى الذات الناقصة مشاكلها وتصبح متطابقة مع التصور الليبرالي لطبيعة الانسان، يصبح الحل هو تطوير الذات.
تطوير الذات كمبدأ ليس مشكلة بحد ذاته، ولكنه يصبح كذلك في السياق الليبرالي الذي يقلص مشاكل هيكلية مرتبطة بالرأسمالية إلى مسائل فردية نستطيع علاجها بالأدوية والتأمل وحب الذات الخ.
تطوير الذات دون إحداث أي تغير جذري في البيئة الإقتصادية والإجتماعية التي هي أساس أغلب مشاكلنا الفردية عبارة عن حل شكلي لا أكثر - والترويج لمثل هذا الحل متصل بالنزعة الليبرالية لإلقاء اللوم على الأفراد كمسؤولين عن ما تتسبب فيه الرأسمالية.
حسب هذه النزعة، حالتنا العقلية تقاس بانتاجيتنا - أي أن حياتنا لها قيمة وصحتنا العقلية سليمة عندما نكون أفراد منتجين ونعمل لخدمة رأس المال. وعندما لا نستحمل ظروف العمل الإستغلالية مثلاً فإن الخلل حسب التصور الليبرالي هو فينا نحن لعدم قدرتنا على التكيف.
هكذا يصبح العلاج النفسي سلاح ذو حدين- من جهة قد يخدم النزعات الرأسمالية عبر إلقاء اللوم علينا والعمل على علاجنا بمنعزل عن سياقنا الأوسع، ومن جهة أخرى باستطاعته تحدي الرأسمالية عبر ربط مشاكلنا بأسبابها الهيكلية بغرض خلق روح ثورية تطمح لتغيير البيئة الإقتصادية والإجتماعية بأكملها.
تفضلوا بعض العناوين اللي ناقشناها مؤخراً في نادي النظرية النقدية عن هذي الموضوع:
You can follow @Dabyaaa_.
Tip: mention @twtextapp on a Twitter thread with the keyword “unroll” to get a link to it.

Latest Threads Unrolled:

By continuing to use the site, you are consenting to the use of cookies as explained in our Cookie Policy to improve your experience.