الإمبريالية هي مرحلة متقدمة من الرأسمالية قامت خلالها أوروبا الغربية، أمريكا، واليابان بفرض هيمنة إقتصادية وسياسية وعسكرية على باقي العالم من أجل توسعة أسواقها واستغلال الموارد الطبيعية والبشرية للدول الأقل تقدماً - باختصار هي علاقة تبادل غير متساوي قائمة على الإستغلال.
جميع الدول "المتخلفة" أصبحت كذلك لأن الدول الإمبريالية جعلتها كذلك من خلال إستغلالها وفرض هيمنة تجعلها ضرورة خاضعة لسياساتها حتى اليوم.. هنا تتوضح لنا العلاقة الديالكتيكية بين مفهوم التطور والتخلف حيث كلاهما هو سبب للآخر.
كمثال، حاجات السوق الأوروبي تطلبت أن تتخصص الدول الأفريقية بإنتاج محاصيل زراعية أحادية مربحة أكثر من غيرها، ولذلك تم تدمير الأراضي الزراعية التي كانت تنتج محاصيل متنوعة وإجبار هذه الدول على زراعة منتجات محددة مثل قطن في السودان/المطاط في ليبريا/ النخل في جنوب شرق نيجيريا/الخ
الزراعة الأحادية لها مخاطر عديدة منها أنه في أوقات الركود الاقتصادي لا يمكن للسوق الزراعي أن يعوض خسارة هبوط سعر المحصول الزراعي ببيع محاصيل أخرى، إلى جانب أن تدمير الأراضي تسبب في إنتشار المجاعة في دول أفريقيا وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات الغذائية للسكان المحليين.
قصة الزراعة الأحادية توضح لنا كيف أن المجاعة في أفريقيا ليست مسألة طبيعية أو أزلية إنما هي نتاج إحتياجات الدول الإمبريالية للتوسع الرأسمالي.
ولكن هذا إطلاقاً ليس ما يعلمنا إياه الإعلام البرجوازي حين يتكلم عن أفريقيا حيث يركز خطابه العنصري على سوء التدبير والفساد وتدهور الإقتصاد.
طيب، ليش ما نتحدى السياسات الإستغلالية مثل الزراعة الأحادية في أفريقيا أو
خصخصة الصحة والتعليم هنا؟

لأن الإمبريالية هي أيضاً علاقة هيمنة سياسية. بمعنى أن الدول "المتخلفة" تابعة للدول الإمبريالية سياسياً لأنه يتم تعيين حكومات فاسدة تستفيد نسبياً من هذا الاستغلال على حساب شعبها.
إلى جانب تعيينها لحكومات تابعة بعد "الإستقلال" من الإستعمار، قامت الدول الإمبريالية قامت بإضفاء طابع مؤسسي لهذا الاستغلال من خلال مؤسسات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي

تقوم هذه المؤسسات بمنح قروض للدول المتخلفة قائمة على شروط معينة تخدم التوسع الرأسمالي للدول الغنية.
أحد أهم هذه الشروط هي فرض إعتماد سياسات السوق الحر التي تسمح للشركات الإمريكية والاوروبية بفتح فروع محلية دائماً ما تقضي على الصناعات المحلية وهذا مرتبط بشكل وثيق بالدعوة للخصخصة اللي نجوفها اليوم.
كمثال بسيط، لما محل مثل أيكيا يفتح عندنا ويوفر لنا سلع جيدة بأسعار رخيصة ما يقدرون صناع الأثاث المحليين ينافسونها بسبب التكلفة العالية للإنتاج ومحدودية استثمارهم، طبيعي أن تستحوذ أيكيا على أغلب الحصة السوقية مع الوقت وبالتالي مع الوقت يخسر ويتقلص السوق المحلي للأثاث.
دخول أرباح أيكيا في الناتج المحلي الإجمالي ليس له أثر مادي على اقتصاد الدول "المستضيفة" لأن أغلب الأرباح تذهب لأصحاب الشركة في الخارج وليس لبناء الإقتصاد المحلي في دولنا.

الرابح من سياسات السوق الحر المفروضة علينا هو دائماً الشركات الدولية التابعة للدول الإمبريالية.
كدول خاضعة لهيمنة الدول الامبريالية ما في أي شي نقدر نسويه بدون ما يتم فرض عقوبات إقتصادية وشن حروب علينا تحت أعذار واهية مثل دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان كما هو الحال في العديد من الدول اللي كل يوم نقرأ (ويمكن ندعم) بروباقندا عنها تبرر العدوان الأمبريالي على أراضيها وشعوبها.
الإمبريالية، باختصار، هي سبب تخلفنا وهي سبب عجزنا عن منافسة الدول المتقدمة... ولذلك يا أصدقاء لازم نترك عنا عقدة الخواجة وكره الذات ونركز طاقتنا نحو مقاومة الأيديولوجية الأمبريالية اللي كل يوم نصبح ونمسي عليها.
المصدر: Walter Rodney - How Europe Underdeveloped Africa 💕
You can follow @Dabyaaa_.
Tip: mention @twtextapp on a Twitter thread with the keyword “unroll” to get a link to it.

Latest Threads Unrolled:

By continuing to use the site, you are consenting to the use of cookies as explained in our Cookie Policy to improve your experience.