

قبل الحديث عن سير الانتخابات التي لم تهدأ وتيرتها منذ الثلاثاء الماضي ٣ نوفمبر، مهم جدًّا قراءة الثريد أدناه؛ لأنّه يشرح بدقّة معركة التصويت عبر البريد، ولماذا يرفضها ترمب؟ https://twitter.com/jldoon/status/1265718862940692481

في تقديري، أدار الديمقراطيّون الانتخابات بشكل أكثر ذكاءً وخبثًا من الرئيس ترمب.
إدارة الديمقراطيّين للانتخابات شملت جوانب عدّة:
الدعاية الانتخابية، الاسم الذي قاموا باختياره للسباق الانتخابي، والاستغلال الجيّد لانعكاسات #كورونا على آليات الانتخابات؛ أعني (التصويت بالبريد).

نبدأ بالدعاية الانتخابية، ركّز الديمقراطيّون على رسالة بعينها وهي (سوء إعادة انتخاب ترمب لفترة رئاسية ثانية وما قد يحمله ذلك من تبعات كارثيّة على وحدة الأمريكان)، بينما ركّز ترمب في دعايته الانتخابيّة على ضعف بايدن (بايدن النائم)، وهي دعاية كان سهلًا دحضها في المناظرة الأولى!

إذ لم يظهر بايدن بشكل سئ شارد ذهن كما كانت حملة ترمب تروّج أنّه سيكون!
ظهر بايدن في مناظرته الأولى تحديدًا بشكل جيّد، وهذا الظهور لا يعني أنّه استقطب ناخبين لصفّه؛ لأنّ الاستقطاب الحزبي شرس هذه السنة، لكنّه كان ظهورًا كافيًا للتأثير على دعاية ترمب وشعاره "بايدن النائم!".

هذا على صعيد الرسالة الدعائية.
أما على صعيد أمكنة تركيز الدعاية، نجد أن الديمقراطيين اختاروا جورجيا ضمن ولايات أخرى لاستهدافها بدعايتهم، وأعتقد أن ذلك آتى أكله!
نأتي لبايدن، هل كان اختياره موفّقًا؟
ترمب يميني متطرّف، بسلوكه السياسي أخذ الحزب الجمهوري يمينًا أكثر من السابق.

لذا اختار الديمقراطيون سياسيًّا تقليديًّا من وسط اليسار (ليس يساريًّا حادًّا كبيرنارد ساندرز) بحيث يمكن بتقديمه أن يُستمال (المستقلون) للتصويت للمرشح الديمقراطي بشكل أكثر سلاسة.
هذا لا يعني اعتقادي بأنّ بايدن مرشّحًا جيّدًا بشخصه، لكنني أحاول تفسير سبب تقديمه لمنافسة ترمب.

وبعد ذلك ركّز الديمقراطيّون في حملتهم الدعائية على حضّ ناخبيهم على التصويت بالبريد من خلال شرح الآلية وتوضيح حقوق الناخب وواجباته أثناء قيامهم بذلك.
هذا أفرز زخمًا غير مسبوق بالتصويت عبر البريد ساعد في ذلك سماح (٤٦) ولاية بالتصويت بالبريد، مقابل (٣٨) كانت تسمح به في ٢٠١٦!

هذا لا يعني أنّ الديمقراطيين لم يتلاعبوا أو يزوّروا أثناء عمليات الفرز، فهذا أمر تفصل فيه المحاكم على مستوى الولايات أو المحكمة العليا على المستوى الفيدرالي.
لكن بكل تأكيد يعني أن التصويت بالبريد (بطبيعته) يزيدُ كثيرًا من حظوظ المرشح الديمقراطي للوصول إلى البيت الأبيض.

لذا، طالب ترمب أكثر من مرة بوقف عمليات الفرز وإعلانه فائزًا؛ بحجّة عمليات تزوير تتمّ (لا أتبناها ولا أنفيها هنا)!
لكن المنطق يقول إنّ مزيدًا من فرز أصوات بالبريد يعني زيادة فُرص بايدن بالفوز، وذلك بحسب طبيعة الناخبين الديمقراطيين التي بيّناها في الثريد الذي أشرت إليه أعلاه.

المؤكد أن هذا السباق الانتخابي بتفاصيله وأحداثه غير مسبوق، والعامل الأكثر تأثيرًا فيه تبعات #كورونا التي جعلت التصويت بالبريد خيارًا متاحًا ومفضّلًا أكثر من أي وقت مضى.
الآن، تنحاز الأرقام لبايدن وترمب بالتأكيد لن يقبل والمحكمة العليا ستكون مسرح المعركة الأخيرة في هذه الحرب.


بقي أن أعلّق على رأي يستغرب أصحابه من تصويت اليهود لبايدن بنسبة وصلت إلى ٧٧٪ رغم نقل ترمب السفارة الأمريكيّة للقدس!
الحقيقة الثابتة تاريخيًّا أنّ اليهود يصوّتون دائمًا للمرشح الديمقراطي بنسب تتفاوت بين (٦٥٪ - ٧٥٪)، لذا لا مفاجأة هنا على الإطلاق.


شخصيًّا أمقت اليسار فكرًا وإديولوجيا ووجوهًا سياسيّة.
لكن، وهنا بيتُ القصيد:
إن جاء بايدن، فقيادتنا قادرة على التعامل معه بشكل يحفظ مصالحنا ويحقق أهدافنا ولا يؤثر على المعادلة السياسيّة ولا الأمنيّة إطلاقًا، فهذا ما يقوله لنا التاريخ.