بعيدًا عن شخصِ القائل، العقلية الذكورية لا تؤمن أصلاً بإنسانية المرأة ككيان مستقل، فمن الطبيعي أنها لن تؤمن بوجود علاقة أخرى معها سوى في نطاق تعريفها الجنسي للمرأة كجسد فاتن. https://twitter.com/oaljama/status/1302199135077044224
بين الإنسان والإنسان هناك علاقات كثيرة، الحالة الكيميائية التي يتحدث عنها الأخ أعلاه هي نابعة من التربية والفكر الذكوري المغروس في داخل عقلية الذكر، عقلية نشأت بالفصل بين الجنسين منذ نعومة الأظفار لن تعي الصداقة.
في الإنسان السوي -بما هو إنسان فحسب- لا يظهر الأثر الكيميائي بين الأخ وأخته، الأب وابنته مثلاً، والعديد من العلاقات الطبيعية لأنه بطبعهِ يعي معنى وقيمة وأخلاقيات العلاقة نفسها، هذا ما لا يعيه العقل الذكوري بتاتًا، لأنه مأسور في هاجس الجنس، مُحركه ودافعه هو الجنس.
لذلك تخرج من العقليات الذكورية توجيهات بشعة وقذرة جدًا حيال لبس البنت أمام أبيها، لأن عقليته نشأت وتكونت بتعريف الأنثى في سياق الجسد الفاتن فقط لا غير دون اعتبار لوجودها كإنسان طبيعي بعيدًا عن "الشهوة" الكيميائية.
بين أيّ فردين بالغين يمكن وجود علاقة صداقة عميقة جدًا وبعيدة عن أيِّة رغبات جنسية أو مصالح مادية أو غيرها، هنالك حالة ارتباط إنسانية يمكنها الحدوث دون الحاجة لعنونتها، الإنسان الطبيعي لا يحتاج الجنس فقط، ولا يبحث عن الجنس في أية علاقة يخوضها، لديه احتياجات أخرى كذلك.
وبالطبع العقلية الذكورية، التي تؤطر وجود المرأة في قوالب الجنس، لا يمكنها استيعاب العلاقة الطبيعية بين الجنسين، ستتهم من يؤمن بالصداقة بأنه ضعيف الرغبة الجنسية، لأنها مدفوعة للسعار الجنسي، حتى استخدام المصعد لديها هو فرصة تحرش!
ختامًا، تغريدة منذ 2014 في ذات السياق. https://twitter.com/Hussainz9/status/513035119666278400
حسنًا، الطرح هذا مائل لتدعيم الرأي الشخصي بعدم الإيمان بوجود صداقة بين الجنسين، و"مُعظم" ما ورد من دراسات وأبحاث هي قراءة لنتيجة الفكر الذكوري، بمعنى الفكر الذكوري صنع وعزز هذه السلوكيات كطبيعة، ثم قام هؤلاء بدراسة النتيجة فقط، ولا خلاف على ذلك. https://twitter.com/oaljama/status/1303226696183812096
لتفنيد هذا الرأي.
١- لنفرض صحة كل ذلك الطرح وأنه يصعب/يستحيل وجود صداقة بين الجنسين للأسباب المذكورة، وأكثرها سبب تحرك الذكر نحو الجنس وتفكيره المُكثف فيه، ما هو دور القانون والعلم والمعرفة -العقل عمومًا- نحو هذا السلوك؟ نُسلم لهذه "الطبيعة" وننهي كل شيء؟
إجابة الفكر الذكوري: نعم
بالمناسبة، الفكر الذكوري يسيطر على جُلّ مجتمعات العالم منذ القِدم -إن لم يكن جميعها- وليس حكرًا على المجتمعات المُحافظة فحسب، فالحديث هنا عام وليس مقتصرًا على مجتمع محدد.
وإن كانت تلك طبيعة الذكر، فليس من العقلانية التسليم بها وجعلها مسوغًا لحرمان الجنس الآخر من مزاولة حياته، دور المعرفة والقانون سنّ كل ما من شأنه حفظ حرية وحق الإنسان، القانون يُهذبك إن لم تُهذب غرائزك.
مثلاً، من طبيعة الإنسان غريزة البحث عن الطعام ليسد جوعه، هذا ليس مسوغًا لأن تسرق طعامًا، فلا يصح القول بأن الإنسان لا يستطيع الإمتناع عن سرقة الطعام، وأنها طبيعة وغريزة فيه!
٢- هل فعلاً مُحرك الذكر في علاقته مع الأنثى هو الجنس دومًا؟
الإجابة خاضعة لتنشئة المجتمع وقولبته للذكر والأنثى في القوالب "الجندرية"، الذكر قوي وصلب وشهواني لا يبكي ولا يقول أح عيب، الأنثى رقيقة وعاطفية وناعمة وتريد "كلام حلو" فقط، وكافة تلك القوالب التي نشأ عليها المجتمع.
كثافة التركيز والهوس الجنسي للذكر ليست نابعة فقط من كونه ذكر، لاستمرارية البقاء، بل نابعة من الثقافة والنشأة والبيئة المحيطة به كذلك، هنا يأتي دور العقل بالمعرفة والقانون لتهذيب هذه الغريزة، لكن الفكر الذكوري يريد تحويلها إلى طبيعة فقط ليُبرر بها تسلطه وتشريعاته وانتهاكاته أيضًا.
لا أحد يُنكر احتمالية تطور الصداقة إلى علاقة عاطفية، لكنها تعتمد على رغبة الطرفين تمامًا، كما أن استمرارية الصداقة تعتمد على رغبة الطرفين كذلك، وجود الأثر الكيميائي ليس هو الضابط للإنسان السوي، لكن الفكر الذكوري ينظر من زاوية جنسية بحتة فلا يستطيع كبح جماح غرائزة حتى في آرائه!
كما أن الغريزة الجنسية ليس دافعًا للذكر وحده وكأنهُ المعني والمُستمتع الوحيد، بل حتى الأنثى لديها غريزتها وقد تكون دافعًا ومُحركًا لها، وبأضعاف قدرة ورغبة الذكر نفسه، فهو احتجاج ذكوري بحت للاستئثار بهذه الرغبة.
استغل الفكر الذكوري هذا الإدعاء بطبيعية غريزة الجنس لدى الذكر حتى لتبرير جرائم التحرش والإغتصاب بحجة الإثارة من اللبس والصوت والكعب ورائحة العطر والمشي والحركة والأكل، كل شيء يثيرهُ هو فقط، الذكي الحكيم العقلاني!
منطقيًا، عدم القدرة أو الإيمان بإمكانية الصداقة باحترام بين الجنسين والاحتجاج بالأثر الكيميائي، مفادهُ أنك بالضرورة وقاحة التفكير دومًا، سواء كانت العلاقة مهنية أو زمالة أو أي شيء، لأنك مقتنع تمامًا بأن هذا هو المحرك الوحيد لديك، هذه هي الفكرة الوحيدة التي تمر في ذهنك نحو الأنثى!
وهذا ما يُفسر تعنت الفكر الذكوري المُحافظ وتشدده مع أهله وذويه الإناث حدّ التعنيف والقتل حيال أيّ ظنّ يتوهمه، هو يرى الجميع بعين طبعه المهووسة بالجنس، فيبدأ بالمنع والتقييد، ثم يُسميها فضيلة!
أخيرًا، سلوكيات وقناعات الإنسان تدلُّ عليه، على معرفته وأخلاقياته، أنت كفرد مسؤول عن صورتك ليس أمام أحد، بل أمام نفسك.
You can follow @Hussainz9.
Tip: mention @twtextapp on a Twitter thread with the keyword “unroll” to get a link to it.

Latest Threads Unrolled:

By continuing to use the site, you are consenting to the use of cookies as explained in our Cookie Policy to improve your experience.