لماذا الفدرالية؟ ولماذا الضمانات الأمنية؟
الحقيقة بدون قفازات.
لا شك أن معظم الموارنة في لبنان ينحون باتجاه الفدرالية أو حتى التقسيم. بدعوى الاختلاف الثقافي مع محيطهم والبعض يذهب إلى الاختلاف العرقي ويسوق لنظريات تدفع لها الاموال.
ولا شك أن معظم الشيعة والسنة يقفون ضد هذا التوجه
الحقيقة بدون قفازات.
لا شك أن معظم الموارنة في لبنان ينحون باتجاه الفدرالية أو حتى التقسيم. بدعوى الاختلاف الثقافي مع محيطهم والبعض يذهب إلى الاختلاف العرقي ويسوق لنظريات تدفع لها الاموال.
ولا شك أن معظم الشيعة والسنة يقفون ضد هذا التوجه
لمعرفة مستقبل لبنان، علينا أن نستعيد لمحات من تاريخ لبنان المعاصر منذ 1920 وصولا إلى اليوم. يعتبر الموارنة أنفسهم آباء هذا الوطن، لدرجة أنهم يحاولون نفي ارتباط قيامة لبنان بغيرهم لو استطاعوا. ولو حصل نفي هذا الأمر فإن الممارسة تدل على ذلك وبقوة.
قدم الاحتلال الفرنسي الطائفة المارونية على عداها وقبلت هي بذلك. حتى أن إحدى وقائع انتخاب رئيس للجمهورية كادت توصل الشيخ محمد الجسر فما كان من المحتل سوى حل مجلس النواب وتعليق الدستور. ويذكر المؤرخ الدكتور طارق قاسم حجم الانحياز الفرنسي بممارساته الطائفية.
نشأت في هذا الوقت مقاومة للاحتلال الفرنسي لدى المسلمين وتمثلت بعمل عسكري للشيعة واحتجاجات للسنة في طرابلس وبيروت وصولا إلى مؤتمر الساحل عام 1936. تغيب هذه التفاصيل وتفاصيل العصابات التي أنشأها الفرنسي في جنوب لبنان وتغيب تفاصيل مقارعة الاحتلال في المصيلح وحبوش وغيرها
غير أن استبداد المستعمر تمادى بعد الثورة السورية ليطال الجميع في لبنان، وأدت لحظة تاريخية إلى خلق استقلال 1943 وعماده ما سمي بالميثاق الوطني بين المسلمين والمسيحيين. غير أن السلطة الحديدية بقيت بيد الموارنة. كان حكما رئاسيا سليطا، وصل في سنة 1958 إلى استدعاء الخارج.
كما كان حكما غير مبال بأطراف الدولة، ولا بمناعة وقوة الوطن من ناحية فعلية. والدليل هو عدم التفاعل اللازم لحماية جنوب لبنان من الاعتداءات الاسرائيلية ومنها على سبيل المثال موقف الحكم من مجزرة حولا عام 1948 وقضم الاراضي بعدها وسلب القرى السبع.وقف هذا النظام غير معني بأهل الجنوب.
ووقع قصور نظر الرئاسات التي توالت منذ 48 إلى حد تجاهل التهجير الفلسطيني وترك الامور على ما هي عليه طالما ابتعدت عن جبل لبنان. على أنها لم تكن مسألة بسيطة والدليل أننا بعد أكثر من 70 عاما لم نجد حلا لمشكلة اللاجئين. لا بل سمح عدم لعب لبنان دورا فاعلا بقيام فتح لاند واتفاق القاهرة
ومرورا قبلها بأحداث 58 وتفضيل ذلك اليمين حلف بغداد واستدعاء الخارج، نحا المسلمون بالاتجاه الطبيعي نحو القومية العربية وعبد الناصر. لماذا أقول الطبيعي؟
بكل بساطة لأن لبنان تعرض لاعتداءات ولم يعتن بها أحد وثانيا لأن عندنا مشكلة اللاجئين وهي لم تلق آذانا من الحكم.
بكل بساطة لأن لبنان تعرض لاعتداءات ولم يعتن بها أحد وثانيا لأن عندنا مشكلة اللاجئين وهي لم تلق آذانا من الحكم.
وفي لحظة مفصلية من عام 75 استدعى الرئيس سليمان فرنجية القوة العسكرية السورية لمقاتلة الفلسطينيين وحلفائهم (طبعا كان للفلسطينيين أخطاء كبرى في لبنان). إلا أن هذا الحضور السوري صار مرفوضا بعدها لأسباب طائفية. هي سياسة الكيل بمكيالين دوما.
ومرة جديدة خلال الحرب اللبنانية وقع اليمين اللبناني ممثلا بالكتائب اللبنانية بأفظع خطأ تاريخي وهو استدعاء العدو والتحالف معه والقتال تحت رايته. برغم المواقف التي تطلق من شعار ال10425 فإن استدعاء عدو لقتال أبناء الوطن كان فادحا.ويدل على توجهات للقضاء على وجود الآخرين.
برغم أن الطرف الآخر لم يطرح المسألة من نظرة القضاء على وجود الخصم. انهزم اليمين المسيحي متمثلا بالقوة المارونية الكتائبية وانتهت الحرب بالاتفاق الأسوأ على الاطلاق بعد الميثاق الوطني وهو اتفاق الطائف. اتفاق كرس حكم قبائل الطوائف وأمراء الحرب الأهلية.
من كان مغبونا منذ 1943 بالتسلط الرئاسي (الذي سيطر بالامتيازات والتوظيفات والتجنيس الطائفي والانماء غير المتوازن فضلا عن رعاية التزوير التاريخي لأغراض طائفية)، أراد أن يحصل على تعويض سرقة البلاد. فقامت المجالس والصناديق المختلفة، وهي بموضوعها طبيعية ومبررة. غير أن ممارستها لم تكن
شابت هذه الصناديق والمجالس أعمال الهدر والفساد، وفي الوقت عينه عوضت بعض الحرمان التاريخي. وهنا استعاد الشيعة والسنة والدروز بعض ما استلب منهم بمرحلة ما قبل الحرب اللبنانية. شاب هذه المرحلة كم الافواه من قبل الحكم السوري وتجاهل التمثيل الحقيقي للموارنة بشكل أساس.
إلا أن الرئيس الشهيد رفيق الحقيقي كان ركنا أساسيا في تدعيم الوجود السوري كذلك النائب وليد جنبلاط والوزير مروان حمادة وناهد سعيد وغيرهم ممن نقلوا البندقية من كتف إلى آخر. ولا بد أن نعرج على عدوان نيسان 96 واسطورة الجولات المكوكية للحريري لحماية المقاومة وهو أمر غير دقيق
والدليل هو مستوى الخلاف الذي كامدن حاصلا يوم كان الرد: يروح يتعلم عربي.
ماذا يعني هذا السرد؟
يعني أننا نعيش في لبنان ابتزاز الاقلية التي تنظر وكأنها وحدها لبنان. بحياتها وامتدادها ونفوذها واقتصادها. هي اقلية لا تعترف بأنها اقلية ولكنها تطالب بنصف الوطن ونصف المقاعد النيابية
ماذا يعني هذا السرد؟
يعني أننا نعيش في لبنان ابتزاز الاقلية التي تنظر وكأنها وحدها لبنان. بحياتها وامتدادها ونفوذها واقتصادها. هي اقلية لا تعترف بأنها اقلية ولكنها تطالب بنصف الوطن ونصف المقاعد النيابية
نعيش ابتزاز من لم يكن يعنيه احتلال ولم يشارك في صده لا بل وقف ضد ذلك وأذكر دليلا واحدا وهو التعزية برأس العملاء عقل هاشم. لا أقول ذلك دفاعا عن الحزب لأنه ارتكب الاخطأ تلو الاخرى بعدم التنبه لمخاطر الزبائنية والتحاصص الطائفي عندما دخل في السلطة
ومن كبرى الأخطاء بعد 2006 كان ترك العنان للتيار الوطني الحر وخصوصا النائب جبران باسيل بإذكاء الطائفية. وكان من التيار تبديل خطابه بدعوى الواقعية. "عندما يتغير البلد نتغير".وكان هذا من أسوأ ما حصل. أضف عليها السعار المذهبي الذي غذته السعودية بعد شباط 2005 وتمثل بحملات قتل في بيروت
ومع استعار التوجه العالمي نحو خطط السلام والتطبيع، كان لا بد من تغييرات في لبنان. فكان عدوان 2006 وكانت مفاجأة انتهاء الحرب على عكس ما يشتهيه الفريق المؤيد للاستسلام. وتعاظم نفوذ المقاومة.
في تلك المرحلة كانت تنشأ في العراق نواة الدولة الاسلامية.
في تلك المرحلة كانت تنشأ في العراق نواة الدولة الاسلامية.
وفي سنة 2011 خرجت مطالبات محقة في سوريا ضد القبضة الامنية. غير أنها تحولت إلى موطئ لتعاظم نفوذ الاسلاميين بدعم قطري وسعودي وتركي. ومن هنا كان التهديد للبنان وجوديا. ولا يعتقدن أحد أن الامن للمجتمعات يحمى بالتنظير. فها هي الحركات في العراق تنعكس في سوريا وفي لبنان
وفيما كان بعض الصبية يوزعون الحليب، أخذت طائفة لبنانية على عاتقها مهمة حماية الوطن. ولعلها أخطأت بعدم إشراك كل المكونات اللبنانية في ذلك. فلماذا تتحمل وحدها خسارة أبنائها والانكى أن تتعرض للطعن بعد ذلك.
شكلت استعادة حلب عام 2015 مفصلا في الحرب السورية تعرفونه.
شكلت استعادة حلب عام 2015 مفصلا في الحرب السورية تعرفونه.
وفي ظل كل هذه المحطات التاريخية كانت سرقات المالية العامة للدولة اللبنانية تحصل عبر الحمايات الطائفية وسرقة الاملاك البحرية والنهرية والمشاعات وصفقات الفيول وفضائح الكهرباء والفساد الادراي وضرب التعليم الرسمي. لم يأت من يقدم رؤية ويعمل فعلا لتطبيقها.
خلقنا مجموعة متناحرة من الطوائف ذوات الخطوط الحمر. الفساد كان عابرا للطوائف برغم أن جولة اليوم تحاول إلباسه لطائفة دون أخرى. وللأسف بات حديث الكواليس من سرق أكثر؟ أو من استفاد أكثر؟ وباتت تستخدم بفعا الاعلام المأجور جملة:ما فينا نعيش معهم (من أي طرف أتت)
من يفكر بنظام غير طائفي يصطدم بخط أحمر ماروني يخاف العددية. ومن يفكر بنظام غير طائفي يواجه بقانون ارثوذكسي. متى نفكر بالمواطن؟ متى نفكر بأن المواطنة هي وحدة المجتمع وليس الطائفة؟ متى نجلس لنفكر بحماية لبنان بطريقة جديدة تقوم على رؤية جنرالات لا أصحاب المناظير ؟
لن يحصل هذا.فالامر بات أعمق من فساد داخلي فقط، كان يمكن مجابهته لو حصلت الارادة ولو لم ينل حماية كهنة المعابد (خصوصا لمن يسرقون بأناقة).وبعد أن تخطى الامر مرحلة الحل الداخلي وبفعل الافلاس الاقتصادي، يدخل الشيطان من التفاصيل، بفعل اللحظة التاريخية
اليوم وفي ظل الافلاس والتنابذ الشعبي الكبير والحقد الطائفي المستعر على الشاشات وعلى التواصل الاجتماعي والمسيطر على التوجهات السياسية، نسأل أي الخيارات لدينا؟ أي الخيارات نملك؟
لا شك أن لدينا خيار الدولة المدنية حيث المواطن يمثل برقمه الوطني social number أيا كان اسمه: ربيع، جورج، محمد، عمر، زينب ، رفقا.
ولكن هذا الخيار يرفضه الطائفيون وكهنة المعابد. كيف نخرج الناس من حظائرها إلى الأفق الرحب للوطنية. من يضمن العددية؟ من يضمن التحاصص؟
ولكن هذا الخيار يرفضه الطائفيون وكهنة المعابد. كيف نخرج الناس من حظائرها إلى الأفق الرحب للوطنية. من يضمن العددية؟ من يضمن التحاصص؟
ولدينا أيضا خيار الفدرالية مع ضمانات أمنية.
الفدرالية بكل تعقيداتها قد تكون حلا وبديلا عن التقسيم . الاخير يطرح أخطارا وجودية على عدد من المكونات اللبنانية. ولذلك فإن درس الفدرالية هو البديل الأجدى ما دمنا غير قادرين على التفاهم ضمن "خلط" الطوائف عبر الوظائف والجيش والامن.
الفدرالية بكل تعقيداتها قد تكون حلا وبديلا عن التقسيم . الاخير يطرح أخطارا وجودية على عدد من المكونات اللبنانية. ولذلك فإن درس الفدرالية هو البديل الأجدى ما دمنا غير قادرين على التفاهم ضمن "خلط" الطوائف عبر الوظائف والجيش والامن.
لم ننجح لأن لكل طائفة رعايتها وتريد أن تفكر كما تشاء من منطلقها الطائفي ولا يعنيها المنطلق الوطني. لا بل تسعى أن تفرض منطلقها الطائفي على الوطن فيسبغه البعض بالتميز والاخر بأنه الاحق به وثالث بأنه أعطي مجده ورابع أنه حماه. وهكذا لن نصل إلى نتيحة.
وهنا يرفض البعض الفدرالية بدعوى أنها معبر للقضاء على طائفة معينة. وأقول هنا ليس من انتماء طائفي بل من موقع المراقب: اعطوا هذه الطائفة ضمانات أن تشاركوها بالذود عن الوطن. واعطوا هذه الطائفة ضمانات عدم عبور المؤامرات عبر اي كانتون ولتشاركوا بأبناءكم في الحماية
أنتم تعرفون أن القرار 425 كان ورقة وبقي ١٥ سنة بدون معنى وتريدون اقناع هذه الطائفة أن الحماية الدولية هي الحل، ولا تنظرون إلى الواقع الملتهب. وأنتم تكالبون بأن يبقى لبنان بمنأى عن الصراعات. وبين هذه الوجهة وتلك اطرح وجهة نظر وسطية. أن يقوم الجميع بتقديم الضمانات بالحماية بأبنائه
ووضع معايير تحدد وجوب تنفيذ هذه الحماية بدون وضع الرؤس في الرمال والتفكير بجنس الملائكة أو إهمال الاطراف على غرار اهمال اعتداءات ال 48 إلى ال 68 . وفي الوقت عينه يجب تقديم استراتيحية لحماية لبنان من الارهاب بمشاركة كل اللبنانيين. ولتكن الأسس صلبة.
أما المطالبة فقط بالتقسيم أو التوجه للمجتمع الدولي بدون جهد عملاني فعلي وقرار بحماية الوطن عبر أبنائه، فهذا لن يتعدى مرحلة النكد الطائفي والسياسي والتعويل على المجهول. انظروا الروهينغا وانظروا الايزيديين وانظروا الفلسطينيين. أمن الشعوب ليس ورقة ترسمون عليها.
ولعل النقطة الثانية التي تحتاج إلى التصدي لها بشأن الفدرالية هي الثروة التي ستعطى لكل مكون لبناني (الواقع وليس ما أريد). فالموارنة سيحصلون على رقعة أكبر بكثير من حجمها الشعبي نتيجة العددية الخفية. والشيعة سيواجهون تحدي الادارة بنمط عصري في ظل سيطرة تقليدية نمطية
والسنة سيواجهون بؤر فثر كبرى في طرابلس وعكار، والعلويون سيكونون محاصرين في بحر غير متجانس، فيما سيكون على الشيعة في جبيل التأقلم في كانتون الموارنة وعلى موارنة الجنوب التأقلم مع كانتون الشيعة وللدروز أيضا عوائق المرافق العامة من مرفأ وكهرباء بشكل أساس لا تقع ضمن كانتونهم.
ولعل النقطة الثالثة والاساسية هي من يتحمل عبء اللاجئين الفلسطينيين ومن يتحمل عبء النزوح السوري؟
هل يتشارك الجميع؟ أم نطلب ذلك من المجتمع الدولي الذي لا يبالي بنا؟
هل يتشارك الجميع؟ أم نطلب ذلك من المجتمع الدولي الذي لا يبالي بنا؟
وكي لا أكون غامضا في موقفي فما كتبته هو من موقع المتابع، أما أنا فأريد وطنا واحدا حرا قادرا على حماية ارضه بعيدا عن نظريات "الشعوذة بالناضور" ومعادلة عديسة التافهة. أريد وطنا لا طائفية تحكمه والمواطن فيه لا يحكم بخانة المذهب. نسيت أن أذكر أنني سأعيش في الكانتون اللاديني على البحر