السياسة الجديدة التي يبدو أن الولايات المتحدة تتجه بموجبها إلى الانسحاب من بعض مناطق العالم، أو تقليص وجودها العسكري فيها، ربما تكلف القوة الأعظم في العالم كثيراً.
ويعلل الأميركيون هذا التوجه بالأعباء الإقتصادية المترتبة على وجود قواعدهم العسكرية في أنحاء العالم،
وهم يطالبون الدول التي توجد فيها هذه القواعد أن تتحمل تكاليف تشغيلها.
وربما يحكم هذه السياسة بعض المنطق من ناحية اقتصادية في المنظور القريب، ولكن في المنظور المتوسط والمنظور بعيد المدى،
فإنها ستفقد أمريكا قوتها العالمية التي كانت تجلب لها الكثير من المزايا الإقتصادية والمالية المباشرة وغير المباشرة.
ومما لا شك فيه أن دولاً مثل الصين وروسيا والهند مستقبلاً ستملأ هذا الفراغ،
وعندها سيكتشف الساسة في أمريكا أنهم فقدوا الكثير من المزايا السياسية والعسكرية والاقتصادية بسبب منظورهم الضيق.
فالدولار الأمريكي، وهو الآن عملة العالم الدولية، سيفقد هذه المكانة،
كما ستخسر الولايات المتحدة مزايا مبيعات الأسلحة المتفوقة وقوة شركاتها المختلفة التي تستمدها من القوة الأمريكية العسكرية. فحين تنسحب القوة العسكرية الأميركية من الدول التي توجد فيها ستتبعها تلك الشركات، لأن كثيراً من الدول تحسب حساب لأمريكا بسبب قوتها العسكرية على النطاق العالمي.
وكما علمنا التاريخ فإن قواعد اللعبة تتغير تغيراً كبيراً كلما حدث انسحاب للقوة العالمية. ومثال ذلك القوة العسكرية البريطانية التي كانت لا تغيب الشمس عن قواعدها في العالم وكانت تجني الكثير من المصالح بفضلها، اليوم نرى كيف تتقطع أوصال الجزيرة البريطانية بعد انسحابها وأفول شمسها.
You can follow @hamadjjalthani.
Tip: mention @twtextapp on a Twitter thread with the keyword “unroll” to get a link to it.

Latest Threads Unrolled:

By continuing to use the site, you are consenting to the use of cookies as explained in our Cookie Policy to improve your experience.