حتى يستطيع الانسان ان ينمي مهاراته ومعارفه، يجب ان يعرف مواطن ضعفه لتقويمها.

وقبل ان يتمكن من القيام بذلك بفعالية، يجب ان يكون يقضا في البحث عن ردود الفعل الخارجية (feedback) *خاصة تلك "الصادمة" والغير متوقعة*.

(سلسلة تغريدات)
عالما النفس «جوزيف لفت» و«هارينغتون انجهام» درسا ما يعرفه الانسان عن نفسه وما يعرفه عنه الآخرون، ووضعوا نموذجا يسمى "نافذة جوهاري".

الحجرة في الزاوية العليا على اليمين تمثل الأمور التي لا تعرفها عن نفسك لكن يعرفها عنك الآخرون، وتسمى احيانا the blind spot (النقطة العمياء).
اذا كانت رغبتك بتحسين نفسك جادة فسيهمك كثيرا ان تعرف ما يجري في هذه الحجرة، لكنك لا تستطيع معرفة ذلك عبر النظر مباشرة، عليك ان تعرفها من خلال ردود الفعل الخارجية (feedback).
ردود الفعل الخارجية قد تأتيك بعدة صور:
• نصيحة مؤدبة في مكان ملائم من قبل رئيسك في العمل.

• مُراجع يفقد أعصابه وينفجر في وجهك لانه يعتقد انك مهمل في اداء واجبك تجاهه.

• زميل في العمل يطلب منك مساعدة في أمور معينة وليس في أمور اخرى (لانه لا يثق بقدرتك على ادائها).
المكان الذي جاءت منه هذه النصائح قد يختلف، رئيسك ينصحك لان ذلك من واجبه، المراجع صرخ عليك بسبب شعوره بالاحباط، وزميلك لم يطلب منك المساعدة من باب الشفقة أو الخوف من الوقوع في مشكلة.

على الرغم من ذلك، فان قدرتها على توجيهك لمواطن ضعفك واحدة، وهو امر يرجع إليك بالدرجة الاولى.
العالمان «دوغلاس ستون» و«شيلا هين» تحدثا عن ذلك في كتاب رائع عن تقبل ردود الأفعال/النقد
(اقرأ العنوان والكلام المكتوب على الورقة الصفراء جيدا)
قبل فترة كنت اتحدث مع احد الزملاء وأخبرني عن "الصفعة" التي تلاقاها في بداية دراسته الجامعية وكيف انها أدت لتغييرات جذرية في اُسلوب دراسته، وأصبح إنسانا متفوقا وحصل على أعلى المؤهلات في مجاله وفِي أفضل الجامعات في العالم.
في المقابل هنالك أناس يبررون كل ردود الأفعال التي يتلقونها على انها "صعوبات"، ويرون ان "المثابرة" تعني الاستمرار بنفس المنوال دون مراجعة النفس والتغيير.

هؤلاء مساكين، تتوالى عليهم الصفعات، دون ان يتعلموا منها شيئا، ومع كل صفعة يزداد إصرارهم انهم على حق وان العالم متؤامر عليهم.
هنالك ثقافة خاطئة ان مُعطي النصيحة يجب ان يبذل قصارى جهده لتقليل الأثر النفسي على متلقي النصيحة.

في هذه الثقافة، النصيحة يجب ان تتضمن أمورا "جيدة" و"سيئة" معا، أو تبدأ بأمر إيجابي ثم تقول السلبي وتختم بأمر إيجابي (يسمونها the sh*t sandwich).
حتى نفهم المشكلة في هذه الثقافة يجب ان نعود للنقطة التي ابتدأنا منها: أهمية النصيحة للشخص الجاد في تطوير نفسه هي اخباره بامور يجهلها!

ولأن النصيحة الجيدة هي تلك التي تخبر المتلقي بمواطن خلل *كان يجهلها*، فمن الطبيعي ان تكون مستهجنة من قِبله للوهلة الاولى.
الإفراط في محاولة "تخفيف الصدمة" عبر "اخفاء" النصيحة المهمة وسط سيل من المديح يؤدي لتقليل فعالية النصيحة، لان المتلقي سيخرج من اللقاء معتقدا ان الأمور كلها جيدة أو قد يفهم النصيحة خطئا لانها أُعطيت بصورة مشوهة اثناء محاولة وضعها بصورة "مقبولة".
(للأكاديميين: «شيفرا جنسبرغ» وباحثون آخرون في مجال التعليم الطبي درسوا هذه الظاهرة في جامعة تورونتو https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10.1111/medu.12637)
المشكلة الاخرى في هذا الأسلوب هو انه يُصوّر النقد على انه "امر سيّء" يحتاج لتلطيف، وبالتالي يجب تحاشي النقد قدر الإمكان.

وإذا "اضطررت" لإعطاء النقد فعليك ان تبذل الكثير من الجهد لتوفير "الجو الملائم".

كل هذه الأمور تقلل كمية النقد المتبادل بين أعضاء الفرق، وهي فرصة كبيرة ضائعة.
الخلاصة: اذا أردت ان تتطور يجب ان تفتح أبواب النقد على مصراعيها وتتوقف عن تبرير كل انتقاد يصلك على ان مصدره النوايا السيئة وان هدفه الوحيد هو عرقلتك.
You can follow @ahmadh.
Tip: mention @twtextapp on a Twitter thread with the keyword “unroll” to get a link to it.

Latest Threads Unrolled:

By continuing to use the site, you are consenting to the use of cookies as explained in our Cookie Policy to improve your experience.